حينما تضحــك الدموع !!!
حينما تضحك الدموع !
إذا ما اكتظت الهموم في القلوب، ورُحت تبحث عن وسيلة تلقي بها هموم قلبك المُثخن بالجراح والمُثقل بالأحزان ربما كانت هذه الراحة في دمعة حارة تسيل من عينيك التي اجتمعت بها ظلمة تلك الهموم.
ولأن الدمعة علاج للهموم، والهموم مرض عُضال، فلربما كان العلاج ثمنه غال لا يستطيع أن يصل إليه كل أحد، ولربما عظُم المُصاب حتى تتحجر معه المدامع في المآقي، ولعل هذا مرض أعظم وأخطر من الهموم المتراكمة في القلب.
على حد قول القائل:
فِــزعت إلى الدمـوع فلم تجـبني :..: وفقد الدمع عند الحُـــزن داءُ
ومـا قـصـرت في حــــــُـزنٍ ولكــن :..: إذا عظم الأسى فُقِد البُكــاء
وربما منعتك رجولتك (أحيانا) من الدموع، في الوقت الذي تحتاج فيه إلى قطرة تنفس فيها عن متاهات قلبك الشارد،
كما قيل:
نحن الرجال وإن أبدى الزمان لنا ناباً! :..: من الهول نلقى الهول بالقاني
ولا نُريق دموع الضعـف يمنعــــــــــــنا :..:حياؤنا ومقال العاذل الـشـــاني
ولكن.. ألا تدري أن شُجعان الرجال كانوا يبكون شجاعة ومروءة وكرماً لا ضعفاً.
تلّفت في كل ناحية..
تجد الصديق الذي يبكي صديقاً له وقد فرقت بينهم المسافات.
وتجد حبيباً يبكي حبيبه الذي أدخل في ظلمات القبور الموحشة غير موسد ولا ممهد..
ولربما جربت دمعة بينك وبين نفسك مخافة لله، إعلاناً للتوبة بين يديه وانطراحاً ببابه رجاء عفوه وخوف حسابه، ومحبةً له وشكراً على نِعمه التي لا تُعد ولا تُحصى.
فهو الذي إن ابتلى من جهة عافى من جهات، وإن منع من وجه أعطى من وجوه.
تبكي لحلمه عليك وقد كنت قائماً على الذنب وهو قادر على أن يأخذك أخذ عزيز مقتدر، ومع ذلك أمهلك لترجع إليه.
ولما تبت فتح لك أبواب التوبة والرجوع والمآب إليه.
فما أجمل هذه الدمعة، ويا لذتها من دمعة.
ولذا كان من السبعة الذين يظلهم الله في ظله، يوم لا ظل إلا ظله: رجل ذكر الله خالياً ففاضت عيناه.
ولربما سالت منك دمعة منك لجفاء صديق، أو لبُعد قريب أو لظلم ظالم، أو لفقد عزيز، فهل هذا ضعف؟ بل هو منتهى الرجولة حين تعبر عن مشاعرك وأنت لست جباناً.
وإذا كنت تريد أن تعرف منتهى الضعف.. فانظر إذا أصابك هم وأردت أن تذرف دمعة ولم تستطع فستعرف أن الضعف ليس بالبكاء، بل أن الضعف يكمن في أنك أردت أن تذرف دمعة وعجزت عن ذلك……